"سعيد" ضحية "مهند" يصل إلى مستشفى المجانين
لم يصل تفاعل الجمهور العربي مع المسلسلين التركيين "نور" و"سنوات
الضياع" المعروضين على قناة mbc إلى حد أن يكون حديث الناس في حياتهم
اليومية فحسب، بل أن الهوس الجماهيري بالدراما التركية أصبح مادةً خامًا
للقصص والحكايات للكتاب الساخرين، الذين رصدوا المواقف الطريفة المرتبطة
بالمشاهدين.
وكان الدكتور "محسن الصفار" قد
عرض في مدونته قصة طريفة بعنوان "نور على نور مع مسلسل نور" الذي لخص فيها
كافة المواقف الطريفة المرتبطة بالجماهيرية الكبيرة التي حظي بها المسلسل
التركي "نور"، وكان بطل القصة الخيالية الموظف البسيط الذي يُدعى "سعيد"،
والذي قام بضرب موظف الكهرباء ضربا مبرحا لمجرد أن اسمه "مهند، وعاد
الكاتب الساخر ليروي الجزء الثاني لقصة "سعيد" الذي وصل إلى مستشفى
المجانين بعد ما ضرب القاضي الذي عجَّل في الحكم عليه ليلحق بمسلسل "نور"
في موعده.
ولخَّص "الصفار" في مدونته، هوس
المشاهد العربي بالمسلسلات التركية في قصةٍ يروي خلالها حكاية "سعيد" الذي
تشاجر مع زملائه في العمل بسبب حديثهم المستمر عن "نور" و"مهند"، وعندما
ذهب ليشتكي لمديره وجده قد ذهب إلى السفارة التركية ليحصل على تأشيرةٍ
زيارة ليشاهد القصر الذي تم تصوير مسلسل "نور" فيه!
وأثناء عودة "سعيد" إلى المنزل
وجد الطريق مزدحمًا بسبب وفد تركي، اعتقد أنه الرئيس التركي، ولكنه السائق
أبلغه أنهم أبطال مسلسل "نور"، انتظر سعيد في الزحام نصف ساعة حتى فُتح
الطريق وواصل سيره الى المنزل، وهو مندهش للغاية مما يحدث.
وعندما دخل إلى منزله طلبت منه
زوجته أن يذهب إلى السوق ليشتري "تنورة" لميس لابنته التي نزلت حديثًا
بالأسواق، وقبل أن يكمل حواره اتصلت به والدته لتخبره بأن أخته فسخت
خطوبتها، لأن خطيبها لا بد أن يكون اسمه "مهند".
وزادت حيرة "سعيد" عندما جاء
ابنه الصغير ليخبره بما كتبه في موضوع الإنشاء الذي حمل عنوان "لماذا
أفتخر بأني عربي سوري؟"، ووجد الابن قد كتب في إجابته: "أنا أفتخر بأني
عربي سوري لأن مسلسل نور ومهند مدبلج إلى العربية باللهجة السورية".
وبلغت عصبية "سعيد" ذروتها،
فبدأ يصرخ في وجه زوجته وابنه، حتى رنَّ جرس الباب فذهب ليفتح وهو يغلي
غضبًا فوجد شابًا وسيمًا يبتسم ويقول: "مساء الخير أنا موظف بدائرة
الكهرباء واسمي مهند وجاي أشوف..." لم يسمع "سعيد" باقي كلام الشاب، وصعد
الدم إلى رأسه عندما سمع كلمة "مهند" ولم يعد يرى أو يسمع أي شيء، ولم يفق
إلا عندما رأى الناس متجمعين حول الشاب المسكين الملقى على الأرض والدم
ينزف من رأسه.. وعدة رجال يمسكونه بشدة كي يمتنع عن ضرب الشاب.. وجاءت
الشرطة وأخذت "سعيد" تمهيدًا لعرضه على النيابة!
وفي الجزء الثاني من القصة يروي
"الصفار" أنه بعد أن أُفرج عن سعيد بكفالة لضربه موظف الكهرباء لمجرد أن
اسمه "مهند"، اضطر للبقاء في البيت بعد أن تم إيقافه عن العمل بسبب
القضية، وهو يطالع الصحف تعجب عندما قرأ خبرا عن زيارة أبطال المسلسل الى
الأردن، فألقى سعيد الصحيفة، وفتح التلفاز ليشاهد الأخبار فتعجب لرؤيته
خبرا عن تسمية المواليد في أحد الدول العربية جميعا مهند ونور ولميس،
فأدار القناة الإخبارية على قناة ثقافية فوجد عددا من الكتاب والأدباء
والمثقفين يتحاورون حول المسلسل وعن تأثيره في المجتمع.
وأغلق سعيد التلفاز واتجه نحو
زوجته التي سألته: "فكرت ليش كثير من النسوان ميتين بمسلسل نور؟، فقال:
رجعنا لسيرة المسلسل تاني، فردت لأن هالمسلسل فيه كلام رومانسي، كلمات كل
ست تحب تسمعها من جوزها، نظرة تحب تشوفها في عينه، وما عم تشوفها اهتمام
شوية رومانسية، ولما الواحدة ما تشوف هيك أشيا بالواقع بتصير تدوّر عليها
في عالم الخيال مع مهند أفندي! فرد غاضبا "شو ما تكوني انتي كمان بتحبي
مهند؟.
خرج سعيد ليقابل المحامي الذي
سيدافع عنه في المحكمة، وفي الطريق شاهد المحلات التجارية وهي تعرض ملابس
أسماء أبطال المسلسل نور، والقهاوي أصبح اسمها مقهى مهند وصالون حلاقة نور
النسائي.
وعندما وصل مكتب المحامي وجد 3
سيدات في المكتب يتحدثن بصوت عالٍ، وقالت إحداهن للأخرى: "ايه والله يا
اختي بعد شوفة مهند ما عاد فيني أطلّع بوجه زوجي وهاني جايه أرفع عليه
دعوة خلع"!! فردت الأخرى: "معك حق أنا كمان طلبت منه طلبا بسيطا أن يعمل
عملية جراحية لأنفه مثل مهند ويقص شعره مثل مهند ويلبس مثل مهند وما رضي
.. راح أخلعه"!!
أما السيدة الثالثة فقالت: "أنا
مشكلتي بالعكس زوجي هالكني من الصبح للليل، وقالي بدياكي تخسّي 30 كيلو
بشهر واحد!! ولما قلتله أن هيدا مستحيل طلّقني وهايني رافعة عليه دعوى
نفقة"!
ولم يكن سعيد يصدق ما يسمع؟
ولكنه صبر حتى جاء دوره ودخل على المحامي الذي بادره بالقول: "أهلين
بالأستاذ المشهور سعيد، يا عمي صرت أشهر من مهند، والجرايد كتبت عنك
بوقتها رجل يضرب شخصا لمجرد أن اسمه مهند، فردَّ "الله يكفيك ويكفي الناس
شر هيك شهرة"، فقال المحامي: "يا خيّي انت ليه هيك معصب على المسلسل؟ مع
أنّي معجب فيه كثير"، فرد: "أكيد معجب أستاذ إذا كل النسوان عم يرفعوا
قضايا خلع على جوازهن عندك كيف ما بدك تعجب فيه"؟
جاء يوم المحاكمة، وجلس سعيد في
قفص الاتهام وبدأ المحامي يترافع عنه قائلا: سيادة القاضي إن موكلي رجل
شريف، وكان يعمل بجهد وجد لتأمين حياة عائلية، معروف عنه حسن السيرة
والأخلاق والسلوك، ليس عدوانيا، وقد قام بما قام به في لحظة غضب وانفعال
أقرب إلى الجنون، ولكن القاضي قاطعه قائلا: "يا أستاذ راح تحكيلي قصة
حياته؟ خلصني بدي ألحق الإعادة تبع حلقة امبارح من مسلسل نور ومهند.. حكمت
المحكمة حضوريا على المتهم سعيد وحيد فريد بالسجن 6 أشهر مع النفاذ
وتغريمه بدفع نفقات علاج المجني عليه"!
وعندما سمع سعيد كلمة 6 أشهر
ورفض القاضي الاستماع إلى المرافعة بسبب مسلسل مهند ونور لم يشعر بنفسه
إلا وقد هجم على القاضي وبطحه أرضا وأشبعه ضربا وهو يصرخ: أنا باوريك يا
مهند، أنا تحكم علي بالسجن 6 أشهر يا مهند، أنا بدك تضيع حياتي يا مهند!!
وها هو سعيد يقبع في مستشفى المجانين بعد أن تم تشخيصه على أنه مجنون خطر
ويجب عزله عن المجتمع!!